الأميرة زينب النفزاوية أشارت على زوجها يوسف بن تاشفين ببناء مراكش
هيلاري مانتل
مراكش: عبد الكبير الميناوي
هل هي مصادفة أن يصدر مؤلف «سبع سيدات مراكشيات باستحقاق»، لمؤلفه محمد الصالح العمراني بنخلدون، في الوقت نفسه الذي ينشغل فيه المراكشيون بسابقة تقلد أربع نساء لأعلى مناصب في بلديات مراكش عاصمة المغرب السياحية. وكانت مراكش (وسط المغرب) عاشت استحقاقات انتخابية بلدية، أعطت فوز أربع نساء برئاسة أربعة مجالس منتخبة بمراكش، في سابقة هي الأولى من نوعها.
ولعل ما يدفع إلى التساؤل والربط بين مؤلف «سبع سيدات مراكشيات باستحقاق»، وما أفرزته انتخابات المجالس المنتخبة، هو تقديم زكية المريني، إحدى النساء الأربع المنتخبات، لهذا الكتاب بقولها: «إن إعادة قراءة التاريخ واستلهام دروسه وعبره لا يمكن أن تكون مفيدة من حيث النجاعة والجدوى، إلا على ضوء رهانات ومتطلبات الواقع المعيش.. إذ لا يمكن أن تتوافر شروط أي إقلاع حضاري في مجتمع ينسى هويته، ولا يستدعي خصوصيته وميزاته الثقافية والحضارية وقت الحاجة في الظرف الحرج. ولا يمكن أن يكون لعمل ذلك المجتمع أثره من الواقع والفائدة على الذات والمحيط وهو ينسى أو يهمش نساءه وشبابه وكفاءاته».
ويستعرض مؤلف «سبع سيدات مراكشيات باستحقاق» الذي صدر عن منشورات «الآفاق المغربية» في طبعة من القطع المتوسط، مسار سبع نساء، ساهمن في بناء الرصيد الثقافي والعمراني والعلمي لمدينة مراكش، منذ المرابطين إلى العلويين، راسما صورة شاملة لكل شخصية من هذه الشخصيات، بدءا من الأميرة زينب النفزاوية «أم فكرة بناء مدينة مراكش حاضرة للمغرب المسلم الكبير من حدوده مع مصر نهر النيل إلى حدوده مع السنغال» وصولا إلى الأميرة مسعودة الوزكيتية، «المجتهدة في ميادين البر والإحسان»، مرورا بسعيدة التطيلية، «الأديبة الوراقة المجيدة»، وحفصة الركونية، «أستاذة الأدباء وأديبة الأساتذة»، وميمونة تاكنوت، «العارفة بالله»، وفاطمة بنت عتيق، «القارئة لكتاب الله والحافظة المحققة»، وسحابة الرحمانية، «السفيرة الناجحة».
ومن بين السيدات السبع، يتوقف المؤلف عند الأميرة زينب النفزاوية، زوجة يوسف بن تاشفين، التي اعتبرها «أول سيدة مراكشية باستحقاق»، واصفا إياها بالزوجة «الوفية» و«الطموح»، والمستشارة «النصوح» و«الصدوق»، إلى أن يختم حديثه، بقوله: «وتعزز مفعول ما تكون الأميرة زينب النفزاوية قد أوحت به إلى أمير المسلمين، زوجها، يوسف بن تاشفين، من أن تكون لدولة إمارة المسلمين المرابطية عاصمة حاضرة لهذه الدولة، دولة المغرب المسلم الكبير، واستجاب يوسف لزينبته، فبنى لها مدينة مراكش».
وغالبا ما يثار اسم يوسف بن تاشفين، حين يتم الحديث عن زمن تأسيس المدينة الحمراء، وهو القائد المرابطي الذي كان له فضل وضع الأساس لأول بناء في هذا المكان الذي صارت تؤمه أفواج السياح من كل فج عميق، والذي تنقل كتـب التاريخ أنه كان عبارة عن «موضع صحراء رحب الساحة، واسع الفناء.. خلاء لا أنيس به إلا الغزلان والنعام، ولا ينبت إلا السدر والحنظل».
ومن المعروف أن لمدينة مراكش أكثر من اسم ولقب، فهي «مدينة النخيل» و«المدينة الحمراء» و«البهجة»، و«مدينة السبعة رجال».
وكان قد سبق للدكتور حسن جلاب أن أصدر كتابا، قدم فيه تعريفا مفصلا بالرجال السبعة، حيث ذكرهم، على التوالي، كما يلي:
1ـ يوسف بن علي الصنهاجي، المعروف بصاحب الغار، لأنه كان يعيش في كهف بعدما ابتلي بالجذام. وتفيد كتب التراجم بأنه ولد بمراكش ولم يغادرها، وهو عربي يمني الأصل.
2ـ عياض بن موسى اليحصبي (المشهور بالقاضي عياض)، ولد بمدينة سبتة عام 1083، وقضى عشرين سنة في القضاء بسبتة وغرناطة، فكان مثالا للقاضي النزيه العادل.
3ـ أبو العباس أحمد بن جعفر الخرجي السبتي، ويعد من أكبر أولياء المدينة وأشهر رجالاتها السبعة، وأكثرهم دعوة للخير والصدقة. ولد بمدينة سبتة سنة عام 1129، وتوفي في مراكش عام 1204.
4ـ أبو عبد الله محمد بن سليمان الجزولي، الذي يرجع المؤرخون نسبه إلى علي بن أبي طالب. ولد في منطقة سوس، أواخر القرن الثامن الهجري، وقد طاف مدن الحجاز ومصر وزار مدينة القدس، كما عرف بالكرامات التي كانت تصدر عنه، وبطريقته التي كان لها أنصار ومريدون، والتي حلت محل الطريقة الشاذلية. وبعد موته نقل جثمانه إلى مراكش، التي لم يزرها إلا مرة واحدة في حياته!
5ـ عبد العزيز بن عبد الحق التباع، من مواليد مراكش، وهو تلميذ الشيخ الجزولي، وقد تلقى تكوينه العلمي بفاس. وتوفي عام 1508.
6ـ أبو محمد عبد الله بن عجال الغزواني، ينتسب لغزوان، وهي قبيلة من عرب تامسنا بمنطقة الشاوية، وهو وارث سر عبد العزيز بن عبد الحق التباع. وطريقته شاذلية جزولية تستند إلى حب الرسول والمداومة على ذكر الله تعالى.
7ـ عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي الضرير، ينسب اسمه إلى سهيل، وهو واد بالأندلس، بمدينة مالقة التي ولد بها عام 1114. فقد بصره في صباه، ولكن ذلك لم يمنعه أن يتحدى عاهته، ويكتسب العلم والمعرفة. دعاه يوسف بن عبد المؤمن الموحدي إلى مراكش، ومكث بها مدرسا ومحاضرا، إلى حين وفاته عام 1185.
ويشترك رجالات مراكش السبعة، في زهدهم في الدنيا وجنوحهم للتصوف، وسعيهم للخير، وحفظهم للقرآن، ونشرهم للعلم، ولتعاليم الإسلام السمحة، وانكبابهم على التأليف في الحديث والفقه والسيرة واللغة. وهي صفات تقترب من تلك الصفات التي أوردها محمد الصالح العمراني بنخلدون، خلال حديثه عن سيدات مراكش السبعة، في مؤلفه «سبع سيدات مراكشيات باستحقاق».
هيلاري مانتل
مراكش: عبد الكبير الميناوي
هل هي مصادفة أن يصدر مؤلف «سبع سيدات مراكشيات باستحقاق»، لمؤلفه محمد الصالح العمراني بنخلدون، في الوقت نفسه الذي ينشغل فيه المراكشيون بسابقة تقلد أربع نساء لأعلى مناصب في بلديات مراكش عاصمة المغرب السياحية. وكانت مراكش (وسط المغرب) عاشت استحقاقات انتخابية بلدية، أعطت فوز أربع نساء برئاسة أربعة مجالس منتخبة بمراكش، في سابقة هي الأولى من نوعها.
ولعل ما يدفع إلى التساؤل والربط بين مؤلف «سبع سيدات مراكشيات باستحقاق»، وما أفرزته انتخابات المجالس المنتخبة، هو تقديم زكية المريني، إحدى النساء الأربع المنتخبات، لهذا الكتاب بقولها: «إن إعادة قراءة التاريخ واستلهام دروسه وعبره لا يمكن أن تكون مفيدة من حيث النجاعة والجدوى، إلا على ضوء رهانات ومتطلبات الواقع المعيش.. إذ لا يمكن أن تتوافر شروط أي إقلاع حضاري في مجتمع ينسى هويته، ولا يستدعي خصوصيته وميزاته الثقافية والحضارية وقت الحاجة في الظرف الحرج. ولا يمكن أن يكون لعمل ذلك المجتمع أثره من الواقع والفائدة على الذات والمحيط وهو ينسى أو يهمش نساءه وشبابه وكفاءاته».
ويستعرض مؤلف «سبع سيدات مراكشيات باستحقاق» الذي صدر عن منشورات «الآفاق المغربية» في طبعة من القطع المتوسط، مسار سبع نساء، ساهمن في بناء الرصيد الثقافي والعمراني والعلمي لمدينة مراكش، منذ المرابطين إلى العلويين، راسما صورة شاملة لكل شخصية من هذه الشخصيات، بدءا من الأميرة زينب النفزاوية «أم فكرة بناء مدينة مراكش حاضرة للمغرب المسلم الكبير من حدوده مع مصر نهر النيل إلى حدوده مع السنغال» وصولا إلى الأميرة مسعودة الوزكيتية، «المجتهدة في ميادين البر والإحسان»، مرورا بسعيدة التطيلية، «الأديبة الوراقة المجيدة»، وحفصة الركونية، «أستاذة الأدباء وأديبة الأساتذة»، وميمونة تاكنوت، «العارفة بالله»، وفاطمة بنت عتيق، «القارئة لكتاب الله والحافظة المحققة»، وسحابة الرحمانية، «السفيرة الناجحة».
ومن بين السيدات السبع، يتوقف المؤلف عند الأميرة زينب النفزاوية، زوجة يوسف بن تاشفين، التي اعتبرها «أول سيدة مراكشية باستحقاق»، واصفا إياها بالزوجة «الوفية» و«الطموح»، والمستشارة «النصوح» و«الصدوق»، إلى أن يختم حديثه، بقوله: «وتعزز مفعول ما تكون الأميرة زينب النفزاوية قد أوحت به إلى أمير المسلمين، زوجها، يوسف بن تاشفين، من أن تكون لدولة إمارة المسلمين المرابطية عاصمة حاضرة لهذه الدولة، دولة المغرب المسلم الكبير، واستجاب يوسف لزينبته، فبنى لها مدينة مراكش».
وغالبا ما يثار اسم يوسف بن تاشفين، حين يتم الحديث عن زمن تأسيس المدينة الحمراء، وهو القائد المرابطي الذي كان له فضل وضع الأساس لأول بناء في هذا المكان الذي صارت تؤمه أفواج السياح من كل فج عميق، والذي تنقل كتـب التاريخ أنه كان عبارة عن «موضع صحراء رحب الساحة، واسع الفناء.. خلاء لا أنيس به إلا الغزلان والنعام، ولا ينبت إلا السدر والحنظل».
ومن المعروف أن لمدينة مراكش أكثر من اسم ولقب، فهي «مدينة النخيل» و«المدينة الحمراء» و«البهجة»، و«مدينة السبعة رجال».
وكان قد سبق للدكتور حسن جلاب أن أصدر كتابا، قدم فيه تعريفا مفصلا بالرجال السبعة، حيث ذكرهم، على التوالي، كما يلي:
1ـ يوسف بن علي الصنهاجي، المعروف بصاحب الغار، لأنه كان يعيش في كهف بعدما ابتلي بالجذام. وتفيد كتب التراجم بأنه ولد بمراكش ولم يغادرها، وهو عربي يمني الأصل.
2ـ عياض بن موسى اليحصبي (المشهور بالقاضي عياض)، ولد بمدينة سبتة عام 1083، وقضى عشرين سنة في القضاء بسبتة وغرناطة، فكان مثالا للقاضي النزيه العادل.
3ـ أبو العباس أحمد بن جعفر الخرجي السبتي، ويعد من أكبر أولياء المدينة وأشهر رجالاتها السبعة، وأكثرهم دعوة للخير والصدقة. ولد بمدينة سبتة سنة عام 1129، وتوفي في مراكش عام 1204.
4ـ أبو عبد الله محمد بن سليمان الجزولي، الذي يرجع المؤرخون نسبه إلى علي بن أبي طالب. ولد في منطقة سوس، أواخر القرن الثامن الهجري، وقد طاف مدن الحجاز ومصر وزار مدينة القدس، كما عرف بالكرامات التي كانت تصدر عنه، وبطريقته التي كان لها أنصار ومريدون، والتي حلت محل الطريقة الشاذلية. وبعد موته نقل جثمانه إلى مراكش، التي لم يزرها إلا مرة واحدة في حياته!
5ـ عبد العزيز بن عبد الحق التباع، من مواليد مراكش، وهو تلميذ الشيخ الجزولي، وقد تلقى تكوينه العلمي بفاس. وتوفي عام 1508.
6ـ أبو محمد عبد الله بن عجال الغزواني، ينتسب لغزوان، وهي قبيلة من عرب تامسنا بمنطقة الشاوية، وهو وارث سر عبد العزيز بن عبد الحق التباع. وطريقته شاذلية جزولية تستند إلى حب الرسول والمداومة على ذكر الله تعالى.
7ـ عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي الضرير، ينسب اسمه إلى سهيل، وهو واد بالأندلس، بمدينة مالقة التي ولد بها عام 1114. فقد بصره في صباه، ولكن ذلك لم يمنعه أن يتحدى عاهته، ويكتسب العلم والمعرفة. دعاه يوسف بن عبد المؤمن الموحدي إلى مراكش، ومكث بها مدرسا ومحاضرا، إلى حين وفاته عام 1185.
ويشترك رجالات مراكش السبعة، في زهدهم في الدنيا وجنوحهم للتصوف، وسعيهم للخير، وحفظهم للقرآن، ونشرهم للعلم، ولتعاليم الإسلام السمحة، وانكبابهم على التأليف في الحديث والفقه والسيرة واللغة. وهي صفات تقترب من تلك الصفات التي أوردها محمد الصالح العمراني بنخلدون، خلال حديثه عن سيدات مراكش السبعة، في مؤلفه «سبع سيدات مراكشيات باستحقاق».