مقــدمـــة:
الحمد لله الذي يسر إعداد هذا الكتاب، ووفق للانتهاء منه بعد رحلة طويلة وشاقة، وأصلي وأسلم على الرسول المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله الطاهرين، وبعد، فقـد جاء في الآثار: (من ورخ مومنا فكأنما أحياه، ومن قرأ تاريخه فكأنما زاره، ومن زاره استوجب رضوان الله، وحق على المزور أن يكرم زائره).
وقال الشيخ حسن العجيمي: (من ورخ أحدا من أهل الفضل والكمال فهو في شفاعته. قال الشاعر:
أرخهــــــم تظفـــر بأجـــر وافـــــــر # فبذكرهم يجلى عن القلب الصدأ
وفي كتاب تحقيق الصفا لمحب الدين الطبري: (أن من ورخ مؤمنا فضلا عن عالم عامل فكأنما أحياه، ومن أحيى مؤمنا فكأنما أحيى الناس جميعا)[1].
وقال الشاعر:
تــرى الفتى ينكــر فضل الفتــى
#
لــؤما وبغضا فــإذا مــا ذهب
لـج به الـحـرص على نكـتـة
#
يكــتبهـــا عنه بـمـاء الـذهب
وقال ابن شرف القيرواني:
قل لـمن لا يــرى المعاصر شيئـا
ويــرى للأوائــل الـتـقــــديـمـــا
إن ذاك القــديـــم كــان جــديـــدا
#
وسيغــدو هذا الجـــديــد قـديــمـا
وقال آخر:
لا يـذكــر القــوم الفتــى إلا متـى
#
ولـى فيعطى حقه تـحت الثـــرى
وحتى لا تنسحب هذه الأحكام على علماء جامعة ابن يوسف الخالدة ويطالهم النسيان، ارتأيت التأريخ لهم، ولملمة ما تفرق من أخبارهم، وتوثيق أعمالهم، خصوصا وأن مدينة مراكش الحمراء قد أنجبت على مر العصور الكثير من الشخصيات والأعلام الذين تألقوا في جميع مجالات الحياة، وقدموا خدمات جلى لمجتمعهم.
وعرفت ردهات الجامعة اليوسفية علماء كبار كانوا زينة المنابر المراكشية وفرسانها الذين غدوا العقول، وهذبوا الأفكار، وملأوا القلوب بنور القرآن والسنة النبوية الطاهرة.
في مستهل السبعينيات بدأت تراودني فكرة وضع ذيل لكتاب [الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام] لمؤرخ مراكش العلامة القاضي السيد عباس بن إبراهيم السملالي التعارجي، ومع مرور الأيام بدا لي من خلال قراءاتي المتكررة لهذا الكتاب القيم، غياب أسماء بعض العلماء الذين عاصروا المؤلف وماتوا في حياته لم يترجم لهم، ولا أدري ما سبب هذا الإغفال؟!. إلى جانب هذه النقطة وقفت على أعلام ينتمون إلى عصور مختلفة من تاريخ مراكش سواء ولدوا بها، أو حلوا واستقروا بين أهلها،
ونعموا بخيراتها لم يترجم لهم وهم كثر، فازداد حرصي على تنفيذ هذا المشروع وتحقيق هذه الفكرة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تراجم هؤلاء العلماء الذين عاصروه، أو من الجيل الذي جاؤوا بعده، وإرجاء المستدرك إلى فرصة أخرى. وكلما هممت الشروع في تحقيق الفكرة إلا وأستعظم الموضوع، وأتهيب الخوض فيه، وفي الأخير استخرت الله تعالى، وصممت العزم على البدء في العمل.(وأنا وإن اجتهدت في جمعهم، فما قضيت واجب حقهم، فإن من أهل العصر جماعة درجوا فدرسوا، وضاع بعدهم من فضلهم ما حرسوا، فمنهم من لم أعرفه، فلا لوم علي إذا لم أصفه، ومنهم من عرفته لكن لم يقع إلي من كلامه شيء، ولم يصلني من وارف ظل فضله فيء)[2]. وإيمانا مني بأهمية التراجم التي تكشف لنا عن الحقائق المجهولة في حياة الأفراد، واقتداء بالأمم المتحضرة التي اهتمت بتاريخ أعلامها البارزين في شتى المجالات والتخصصات، والتحدث عن أحوالهم وأخبارهم، وجعل سيرتهم وأعمالهم قدوة يحتذا بها لمن يأتي بعدهم، فهم صناع التاريخ.
وسلكت في استقصاء المعلومات عنهم سبلا شتى، إذ اتصلت ببعض العلماء الأحياء مباشرة، وبأقارب الراحلين وأصدقائهم وتلامذتهم، متحريا دقائق أخبارهم، وما قاموا به من أعمال، وتركوا من آثار. ولا تسأل أيها القارئ الكريم عن الصعوبات والعراقيل التي واجهتني في جمع مادة هذا الكتاب، وما قوبلت به من تسويف ومماطلة
ووعود تلو وعود من بعض أبناء العلماء، أو بعض أفراد أسرهم، وهناك بعض أبناء العلماء امتنعوا عن إمدادي بأي معلومة سامحهم الله. رغم كل هذا فكل شيء يهون أمام لذة البحث عن الحقيقة، والشعور بالمسؤولية العلمية التي تجشمت متاعبها حتى أنجز هذا العمل الذي أرجو ثوابه من الله تعالى.
وقد التزمت في تحرير هذه التراجم ذكر الفضائل والمحاسن، ونزهت نفسي عن ذكر المثالب والعيوب، امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: (اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساوئهم)[3]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة)[4]. أسأل الله تعالى أن يستر عيوبنا.
وقد رتبت الكتاب ترتيبا ألف بائيا مراعيا اسم الشهرة للعلم حتى يسهل البحث عنه. كما وضعت علامة استفهام (؟) أمام بعض الأسماء إشارة إلى اتصالي بهم، أو بأبنائهم، أو إخوانهم ولم أتوصل منهم بأي جواب، ولا أي معلومة.
موقع الكاتب المغربي الأستاذ أحمد متفكر
الحمد لله الذي يسر إعداد هذا الكتاب، ووفق للانتهاء منه بعد رحلة طويلة وشاقة، وأصلي وأسلم على الرسول المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله الطاهرين، وبعد، فقـد جاء في الآثار: (من ورخ مومنا فكأنما أحياه، ومن قرأ تاريخه فكأنما زاره، ومن زاره استوجب رضوان الله، وحق على المزور أن يكرم زائره).
وقال الشيخ حسن العجيمي: (من ورخ أحدا من أهل الفضل والكمال فهو في شفاعته. قال الشاعر:
أرخهــــــم تظفـــر بأجـــر وافـــــــر # فبذكرهم يجلى عن القلب الصدأ
وفي كتاب تحقيق الصفا لمحب الدين الطبري: (أن من ورخ مؤمنا فضلا عن عالم عامل فكأنما أحياه، ومن أحيى مؤمنا فكأنما أحيى الناس جميعا)[1].
وقال الشاعر:
تــرى الفتى ينكــر فضل الفتــى
#
لــؤما وبغضا فــإذا مــا ذهب
لـج به الـحـرص على نكـتـة
#
يكــتبهـــا عنه بـمـاء الـذهب
وقال ابن شرف القيرواني:
قل لـمن لا يــرى المعاصر شيئـا
ويــرى للأوائــل الـتـقــــديـمـــا
إن ذاك القــديـــم كــان جــديـــدا
#
وسيغــدو هذا الجـــديــد قـديــمـا
وقال آخر:
لا يـذكــر القــوم الفتــى إلا متـى
#
ولـى فيعطى حقه تـحت الثـــرى
وحتى لا تنسحب هذه الأحكام على علماء جامعة ابن يوسف الخالدة ويطالهم النسيان، ارتأيت التأريخ لهم، ولملمة ما تفرق من أخبارهم، وتوثيق أعمالهم، خصوصا وأن مدينة مراكش الحمراء قد أنجبت على مر العصور الكثير من الشخصيات والأعلام الذين تألقوا في جميع مجالات الحياة، وقدموا خدمات جلى لمجتمعهم.
وعرفت ردهات الجامعة اليوسفية علماء كبار كانوا زينة المنابر المراكشية وفرسانها الذين غدوا العقول، وهذبوا الأفكار، وملأوا القلوب بنور القرآن والسنة النبوية الطاهرة.
في مستهل السبعينيات بدأت تراودني فكرة وضع ذيل لكتاب [الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام] لمؤرخ مراكش العلامة القاضي السيد عباس بن إبراهيم السملالي التعارجي، ومع مرور الأيام بدا لي من خلال قراءاتي المتكررة لهذا الكتاب القيم، غياب أسماء بعض العلماء الذين عاصروا المؤلف وماتوا في حياته لم يترجم لهم، ولا أدري ما سبب هذا الإغفال؟!. إلى جانب هذه النقطة وقفت على أعلام ينتمون إلى عصور مختلفة من تاريخ مراكش سواء ولدوا بها، أو حلوا واستقروا بين أهلها،
ونعموا بخيراتها لم يترجم لهم وهم كثر، فازداد حرصي على تنفيذ هذا المشروع وتحقيق هذه الفكرة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تراجم هؤلاء العلماء الذين عاصروه، أو من الجيل الذي جاؤوا بعده، وإرجاء المستدرك إلى فرصة أخرى. وكلما هممت الشروع في تحقيق الفكرة إلا وأستعظم الموضوع، وأتهيب الخوض فيه، وفي الأخير استخرت الله تعالى، وصممت العزم على البدء في العمل.(وأنا وإن اجتهدت في جمعهم، فما قضيت واجب حقهم، فإن من أهل العصر جماعة درجوا فدرسوا، وضاع بعدهم من فضلهم ما حرسوا، فمنهم من لم أعرفه، فلا لوم علي إذا لم أصفه، ومنهم من عرفته لكن لم يقع إلي من كلامه شيء، ولم يصلني من وارف ظل فضله فيء)[2]. وإيمانا مني بأهمية التراجم التي تكشف لنا عن الحقائق المجهولة في حياة الأفراد، واقتداء بالأمم المتحضرة التي اهتمت بتاريخ أعلامها البارزين في شتى المجالات والتخصصات، والتحدث عن أحوالهم وأخبارهم، وجعل سيرتهم وأعمالهم قدوة يحتذا بها لمن يأتي بعدهم، فهم صناع التاريخ.
وسلكت في استقصاء المعلومات عنهم سبلا شتى، إذ اتصلت ببعض العلماء الأحياء مباشرة، وبأقارب الراحلين وأصدقائهم وتلامذتهم، متحريا دقائق أخبارهم، وما قاموا به من أعمال، وتركوا من آثار. ولا تسأل أيها القارئ الكريم عن الصعوبات والعراقيل التي واجهتني في جمع مادة هذا الكتاب، وما قوبلت به من تسويف ومماطلة
ووعود تلو وعود من بعض أبناء العلماء، أو بعض أفراد أسرهم، وهناك بعض أبناء العلماء امتنعوا عن إمدادي بأي معلومة سامحهم الله. رغم كل هذا فكل شيء يهون أمام لذة البحث عن الحقيقة، والشعور بالمسؤولية العلمية التي تجشمت متاعبها حتى أنجز هذا العمل الذي أرجو ثوابه من الله تعالى.
وقد التزمت في تحرير هذه التراجم ذكر الفضائل والمحاسن، ونزهت نفسي عن ذكر المثالب والعيوب، امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: (اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساوئهم)[3]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة)[4]. أسأل الله تعالى أن يستر عيوبنا.
وقد رتبت الكتاب ترتيبا ألف بائيا مراعيا اسم الشهرة للعلم حتى يسهل البحث عنه. كما وضعت علامة استفهام (؟) أمام بعض الأسماء إشارة إلى اتصالي بهم، أو بأبنائهم، أو إخوانهم ولم أتوصل منهم بأي جواب، ولا أي معلومة.
موقع الكاتب المغربي الأستاذ أحمد متفكر