منطقة مولاي إبراهيم التي تعرف باسم "كيك" وهي منطقة جبلية تقع في إحدى مرتفعات الأطلس الكبير،كانت إلى حدود بداية القرن العاشر الهجري شبه خالية من السكان اذ لم يكن بها سوى سبع عائلات عندما قصدها الولي الصالح مولاي إبراهيم قادما إليها من مدينة مراكش على عهد الملك السعدي مولاي زيدان فسلم له الولي سيدي محمد اوبراهيم الذي انتقل إلى رباط يسمى " الوس" كما سلم له أهل المنطقة بعد أن اتفقوا معه على عهود وشروط. يقولون إنه لزيارة ضريح الولي الصالح مولاي إبراهيم يستوجب على كل زائر أن يمر عبر نقطة إستراتيجية تصطف فيها وسائل النقل مرورا بالسويقة عبر أدراج إسمنتية التي تستقبله بطابور من العشابة يقدمون كل أصناف الأعشاب والشموع وجلود بعض الزواحف (القنفذ،الثعلب،الضربان،الحرباء) ،بجوارهم دكاكين قزمية ل"الشوافات" يذبن مادة "ألدون" فوق النار حيث تتحلق حولهن عشرات النساء ينتظرن ما ستراه الشوافات في ذلك السائل الغريب الذي يحل كل الإشكالات ، كما تنتشر بالسويقة المؤدية للضريح أعداد كبيرة من المتسولين بعضهم يعرض "بركة" مولاي إبراهيم وهي عبارة عن أشياء بسيطة جدا (عقيق أو مفاتيح) وأنت تقترب من مدخل ضريح الولي الصالح حتى يصادفك طابورا من المتسولين يجلسون جنبا إلى جنب ينتظرن مساعدة الزوار،بعيدا عن الضريح الذي يتكون من بهو كبير تتوسطه نافورة للوضوء وغرفتين الأولى يتواجد بها ضريح الولي الصالح مولاي إبراهيم والثانية يدفن فيها ابنته المسماة للامحلة حسب ما يحكى في ذلك المكان عدد غفير من النساء من مختلف الأعمار ومن جميع جهات المملكة يتحلقن حول الضريح للتبرك بكرامات وبركات الولي الصالح من اجل "قضاء الحاجة"وتلبية الطلبات مقابل قربان يقدم في شكل هدية للولي التي تختلف باختلاف الفوارق الطبقية حيت يكتفي الضعفاء بالضوء(قرطاس الشمع). "هاد الملحة ديرها في "الماكلة" يعني الأكل، وهاد التراب خوضيه في الماء ورشي به باب الدار دابا يجيب الله البركة" بهده العبارة كان مقدم الضريح ورفاقه يدعون بها لكل زائر من زوار ضريح الولي الصالح مولاي إبراهيم. شابتان في مقتبل العمر تلبسان ثوبا اخضرا أخذتا تطوفان بالولي الصالح في الوقت الذي كانت والدتهما تحمل في يدها قارورة من ماء الزهر وترش فوق قبر الضريح ، وعندما سألناها عن السر في دلك قالت "أنا اسمي حياة عمري 45سنة من نواحي مدينة مراكش تنطلب من الله تعالى باش ينفعنا ببراكتو ،عندما أكون غارقة في النوم يقف علي في المنام ويقول لي أنا إبراهيم خصك تجي لعندي وجيبي ليا بناتك لان إحداهما تعاني من مرض الصرع".و حكايات زوار مولاي ابراهيم كثيرة ولا تنتهي سيدة أتت إلى ضريح الولي الصالح مولاي إبراهيم تحكي أنها كانت مريضة على مستوى الرأس فقامت بزيارة عدة أطباء اختصاصيين داخل المغرب وخارجه ولم يتم العثور على نوع المرض الذي كانت تعاني منه رغم الكشوفات الطبية بواسطة السكانير وعند إخبارها ببركة الولي الصالح من إحدى الصديقات ذهبت إليه وأخذت "سطلا" من ماء البئر المتواجد داخل الضريح وغسلت به رأسها فدهب عنها تلك الآلام الذي كانت تشكو منها . وتقول زهور36 سنة مصابة بالمس الجني من نواحي سيدي بنور "أحس بمرض يثقل كاهل جسمي وعندما ازور الولي الصالح مولاي إبراهيم اشعر بالراحة والطمأنينة وكنت أتردد عليه مند صغري".وتذكر المصادر التاريخية أن الولي الصالح مولاي إبراهيم سليل الشرفاء لمغاريين ،اسمه مولاي إبراهيم بن مولاي احمد بن عبد الله بن الحسين الامغاري ،ينتهي نسبه إلى جده أبي عبد الله محمد بن أبي جعفر إسحاق أمغار الصنهاجي الذي كان برباط تيط انفطر"عين الفطر" قرب ازمور، لقب بطير الجبال لأنه كان يعيش في خلوته الاختيارية بجبل "كيك" التي مازالت من أهم المزارات الأترية إلى الآن ،نشا في بيئة صوفية محضة بزاوية تامصلوحت التي أسسها جده عبدالله بن حسين بتوجيه من شيخه عبدالله الغزواني، وعندما اشتهر أمره وتوسم الناس فيه الخير اجتمعوا عليه وتتلمذوا له واختار لزاويته منطقة جبلية محصنة "كيك" تاركا زاوية تامصلوحت في السهل حيت أسرته وعصبيته ومريدو والده وجده فشاع ذكره وانتشر ذكره فقصده المريدون من مختلف الجهات . ومن بين الكرامات التي يتحدث عنها مريدوه إبعاد الطير المؤذي أي الطيور التي تهدد الزرع ،ومساعدة الرجل والمرأة العاقر حتى يرزقا بالولد وكان كريم المائدة ومقصد كل جائع أو حائر. تقول بعض الأساطير أن الولي الصالح مولاي إبراهيم اجتمع لديه في يوم ثلاثون ألف رجل وتسعة آلاف امرأة فأكرمهم وأطعمهم جريا على عادة جده ووالده في الإطعام والعطاء الوفير ساعده في دلك غناء المنطقة بمراعيها ومزارعها وغللها ومواشيها ،وكان يفصل بين الأفراد والقبائل فيما يطرأ بينهم من منازعات شخصية وجماعية حول المياه والمراعي، ومن غريب ما يروى عنه تركه حلق الشعر والزينة إذا دخل شهر محرم وإذا لامه أحد على ذلك قال "ما فعلنا هدا إلا امتعاضا لقتل الحسين" ومن أقواله المأثورة "لا ياتينا الأمن آمنه الله ،إن مقامنا هدا مقام إبراهيم الخليل ومن دخله كان آمنا" ، "دارنا دار سر لا دار علم".
ومن بين الطقوس والعادات التي يعرفها الضريح كما يؤكدها محافظ وممثل شرفاء الضريح السيد مولاي الصديق لمغاري تلاوة القران الكريم والأمداح النبوية بواسطة طلبة مدرسة مولاي إبراهيم المجاورة للضريح ابتداء من صلاة العصر إلى صلاة المغرب وخلال الصباح يتم ترديد دلائل الخيرات من طرف مجموعة من الشرفاء أحفاد الولي الصالح مولاي إبراهيم ،الاان أهم مناسبة دينية يعرفها الضريح هو الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف حسب عادات وطقوس خاصة حيت يقام فيه احتفالا كبيرا يأتيه الزوار من داخل المغرب وخارجه ويستمر حوالي أسبوع يختتم بذبح الناقة في اليوم السابع بحضور مسؤولي وأعيان المنطقة وممثلي السلطات المحلية .